فضاء حر

الدولة القوية ؟!

يمنات 

غازي الجابري

الدولة القوية ليست ترفًا ولا خيارًا يمكن التلاعب به وفق الأهواء، بل هي ضرورة وجود، وركيزة بقاءٍ تحفظ للناس أمنهم وكرامتهم وحياتهم. فحين تكون الدولة قوية، يكون القانون سيدًا، والعدالة ميزانًا، والمواطن مطمئنًا إلى غده، لا يخشى فوضى ولا عبثًا.

القوة هنا لا تعني القسوة، بل تعني القدرة على حماية الحقوق وتنظيم الواجبات، على فرض النظام دون ظلم، وعلى تحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية. الدولة القوية لا تُبنى بالصوت العالي ولا بالشعارات الرنانة، بل تُبنى على مؤسسات راسخة، وعدالة نزيهة، وتعليم متين، واقتصاد مستقر، وأخلاق عامة تُعلي المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.

وحين تضعف الدولة، لا يضعف الحاكم وحده، بل يضعف كل مواطن، تتفتت القيم، ويتسلل الخوف إلى البيوت، وتتحول الفوضى إلى قاعدة بدل أن تكون استثناء. عندها يُدرك الناس – بعد فوات الأوان – أن القوة لم تكن غاية في ذاتها، بل كانت صمام الأمان لحياتهم ومستقبل أبنائهم.

الدولة القوية لا تخاف النقد، بل تعتبره وقودًا للإصلاح، ولا تحتقر المواطن، بل تراه أساس وجودها ومصدر شرعيتها. إنها دولة لا تُبنى على الولاءات الضيقة، بل على الكفاءة والنزاهة والعدالة.

فحين تكون الدولة قوية، تكون الأمة عزيزة، والسيادة محفوظة، والكرامة مصونة. لذلك، فالقوة ليست خيارًا يمكننا تأجيله، بل هي ضرورة تمليها علينا الحياة، لأن الضعف في عالمٍ لا يرحم، يعني الزوال.

زر الذهاب إلى الأعلى